تواصل معنا

Suggested region and language based on your location

    Your current region and language

    زميلان في العمل يبتسمان أثناء الاطلاع على شاشة جهاز لوحي رقمي وهما واقفين في مكان عمل يجمع بين نظامي العمل في الموقع وعن بُعد.
    • مدونة
      الجودة

    مسألة ثقافة الجودة

    كيف يمتد تأثير الارتقاء بثقافة فريقك ليشمل أعمالك بالكامل.

    في عالم تتسارع فيه وتيرة التطور، يتعين على المؤسسات تحديات أكبر؛ أن تنتج أكثر، أن تبتكر أكثر، وأن تحقق نتائج أكثر، غير أن العديد منها تولي عناية خاصة بأكثر عوامل التحول؛ ألا وهي ثقافة الجودة.

    ما هي ثقافة الجودة؟

    ثقافة الجودة هي الأسلوب المشترك في التفكير والسلوك والقيم التي تشكل تصور الأشخاص للجودة وتطبيقهم لها. وهي ما يربط الموظفين بالغرض المؤسسي ويحدد طريقة تقديمهم لمستوى ثابت من القيمة لعملائهم. وكل مؤسسة لديها بالفعل ثقافتها الخاصة للجودة. فهي ليست شيئاً يُكتسب، ولكنها تُفهم وتُعزز وتُضبط مستوياتها.

    تشير ثقافة الجودة القوية إلى امتلاك الموظفين للجودة وليس الامتثال لها فحسب، وتشجيع القادة للتحسين المستمر وليس التصويب فحسب، واعتبار الجودة ميزةً استراتيجيةً وليست وظيفة فنية فحسب.

    إنها الفرق بين مجرد تحديد خانات وبناء كيان أعمال على أساس من الثقة والاتساق والقيمة المقدمة للعميل.

    ما مدى أهمية ثقافة الجودة

    صارت ثقافة الجودة دائمة التطور عاملاً جوهرياً لا غنى عنه للمؤسسات وليست من الرفاهيات. فالمؤسسات التي تطبق ثقافات متطورة للجودة تتفوق على منافسيها لأنها تستطيع:

    • التوفير في التكاليف من خلال الحد من العيوب والشكاوى.
    • رفع الإنتاجية من خلال تحسين أداء العمليات وإزالة المعوقات.
    • خفض الموارد المهدرة من خلال تحديد مواطن القصور.
    • تحسين خدمة العملاء من خلال ثبات مستوى الخدمة والاستجابة لهم.
    • زيادة المبيعات من خلال الثقة والولاء والتنوع.

    كذلك فإن ثقافة الجودة القوية تشجع على الابتكار. فعندما يشعر أفراد الفريق بأنهم مؤثرون ومشاركون في تغيير الأحوال، يتمكنون من إيجاد حلول جديدة للمشكلات ومن ثم إيجاد قيمة. وعلى النقيض، فإنهم عندما يشعرون بالإهمال أو يُقلل من قدرهم، يقل إسهامهم، أو يتركوا مكان عملهم. وفي نهاية المطاف، يزداد معدل دوران الموظفين وتنخفض معنوياتهم، وتُهدر الكفاءات.

    كيف تطبق المؤسسات حالياً ثقافة الجودة

    تُعد ثقافة الجودة إحدى أكبر الفرص غير المستغلة في المؤسسات. فالعديد من المؤسسات حالياً تركز بصورة بالغة على الامتثال ومطابقة المعايير، بينما تؤخر الاهتمام بالثقافة في ترتيب أولياتها.

    عندما نتفحص المجالات المختلفة من حيث حالات عدم المطابقة أو سحب المنتجات أو شكاوى العملاء، نكتشف الحقيقة الأساسية نفسها؛ وهي أن التأثير الأكبر نابع من السلوك البشري والقرارات المتخذة. فالبشر هم أساس الجودة. وكلما وثقت المؤسسات هذه الرابطة، فإنها تحظى في المقابل بالرؤى والابتكارات والتصرفات المسؤولة من جانب فرق العمل بها.

    وقد أوضحت نظرية جبل الجليد لسيدني يوشيدا (1989) كيف أن الوعي بالمشكلات يتقلص كلما ارتفعنا في الهرم المؤسسي؛ حيث يرى المسؤولون التنفيذيون نسبة 4%، ومديرو الإدارات الوسطى 9%، والمشرفون 74%، بينما يرى الموظفون الموجودون على خط المواجهة الأول 100%. وهذه الرؤية تسلط الضوء على فرصة سد فجوات التواصل وبناء ثقافة تفتح مجال المشاركة أمام الجميع من أجل التحسين.

    عندما تقع مسؤولية تحقيق الجودة على عاتق الجميع، تتدفق المعلومات بحرية، وتُكتشف المخاطر مبكراً، وتوضع الحلول في وقت أقصر. فالموظفون المشاركون يدعمون ثقة العملاء، ويحسنون الأداء، ويحولون التحسين المستمر إلى قصة نجاح مشتركة.

    تغيير السردية يبدأ من الآن

    للبدء في ترقية ثقافة الجودة صعوداً نحو قمة أولويات القيادة، يتعين علينا تغيير أسلوب حديثنا عنها بما يتجاوز مجرد المصطلحات وقوائم المراجعة ونتائج التدقيق. وينبغي فهم ثقافة الجودة بوصفها فرصة لتحقيق أثر مستدام.

    تطرح مراجعة أفضل ممارسات إدارة الجودة المعترف بها عالمياً -أيزو 9001 لعام 2026- فرصةً ذهبية. فتركيزها المضاعف على القيادة والثقافة والجودة المتمركزة حول العامل البشري يشجع المؤسسات على أن تنظر إلى نظام إدارة الجودة لديها كعامل أكبر من مجرد إطار عمل للامتثال، بل إنه قد يكون القلب النابض لكيان الأعمال.

    لقد حان الوقت لكي:

    • تكشف الحقائق داخل مؤسستك وأن تحوّل الرؤى إلى خطوات عملية للأمام.
    • تقيس مدى قوة وضعف الثقافة لتحديد مواطن ازدهار الجودة أو تعثرها.
    • تمنح الموظفين صلاحيات على كل مستوى من المستويات لتجعل من الجودة مسؤولية مشتركة.
    • تسد فجوات التواصل حتى تتدفق المعلومات بحرية من الموظفين على الخط الأول إلى القيادات.
    • قياس "مستويات" ثقافة الجودة من خلال تقييمات مباشرة وشفافة بدلاً من فحوصات الامتثال المحدودة.

    يعني تعزيز ثقافة الجودة تجاوز مفهوم التدريب الأوحد أو حملات التوعية، واتباع نهج استراتيجي أكثر تنظيماً لإشراك أفراد الفريق. فهذاالنهج حال قياسه الثقافة الحالية يحدد مواطن القوة ومجالات النمو، ويرسم خريطة طريق للتحسين المستمر، تعود بأثر مستدام وبنّاء.

    ثقافة الجودة هي ثقافة الأعمال

    لا تقتصر ثقافة الجودة على كونها مسألة فنية، بل هي فرصة للموارد البشرية والقيادات. فهي حلقة وصل بين الغرض والأداء، وتحويل المعايير إلى استراتيجيات، كما أنها لا تقتصر على تجنب المشكلات، ولكنها تمتد لتشمل استغلال الكفاءات.

    فالمؤسسات التي تطبق ثقافة الجودة بوصفها عامل مساعد لتحقيق القيمة والأثر الاستراتيجي هي الأقرب لأن تحظى بالريادة والتكيف والنمو. ومع اقتراب طرح أيزو 9001 لعام 2026، فلا وقت أفضل من الآن لإعادة تصور نظام إدارة الجودة لديك بوصفه أداة لا تقتصر على الامتثال وإعادة النظر فيه كأساس للنجاح المستدام.